إلي أين نذهب بعد ثورة 25 يناير؟ هو عنوان الندوة السياسية التي ألقاها وكيل مؤسسي الحزب المصري الديموقراطي الإجتماعي الدكتور إيهاب إدوار الخراط بكنيسة القديس كيرلس الأربعاء الماضي. ناقش فيها الدكتور الخراط التيارات والأحزاب التي ظهرت بعد الثورة والأوضاع الراهنة والقادمة المحتملة.
من المتعارف عليه أن الأوضاع الثورية تسسب السعادة والخوف في نفس الوقت. فالثورة أعطت فرصة للمصري أن يناضل للحرية التي كانت مسلوبة منه لعشرات السنين، بالإضافة إلي المطالبة بحقوق المواطن ومقاومة الفساد. ولكن ظهر تضارب في الأفكار نتيجة لكثرة التيارات والمعتقدات. فالإخوان والليبرالين والسلفين وغيرهم تصادموا في الأراء رغم وجودهم في نفس المجتمع، لإن هناك من يري التيار الإسلامي هو الحل وأخر يؤمن بحرية عقيدة الإنسان والسعي لتحقيق الديموقراطية. ويري بعض علماء النفس "أن إحتمالية التناقض في الأراء تزيد إذا شعر أفراد المجموعة بتهديدٍ ما " وهذا ما حدث عندما تصادم مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق مبارك ليزيد عدد ضحايا العراك الي مئات الشباب. وما يحدث حاليا بين الجماعات الإسلامية والليبرالية. والسؤال المطروح لدي الجميع هو من سيفوز بإنتخابات مجلس الشعب؟
لا يمكن بناء توقعات علي نتيجة الإستفتاء لسببين. أولا لإن المصلحة كانت مشتركة بين حزب "الوطني" وحزب "الحرية والعدالة" وأشخاص مستقلة ترغب في الإستقرار. وثانيا لإنتشار الجهل السياسي بين الشباب وأفراد المحافظات والعشوائيات وإستخدام الدين كأداة للوصول الي نتيجة الإستفتاء المرغوبة. وليس في إستطاعة أحد أن يتنبئ بما سيحدث خلال الشهور المقبلة، لكن هناك حقائق حالية وعلي أساسها توضع توقعات. فعدد الإخوان في حزب الحرية والعدالة حوالي 500 ألف بالإضافة الي 2 مليون ملتزم والكثير من المتعاطفين لإستخدام الدين. أما عدد الأحزاب الأخري سويا كالمصريين الأحرار، مصر الحرية، المصري الديموقراطي الإجتماعي فهو 150 ألف ولكن هناك أمل أن يصلوا بل و يسبقوا عدد حزب الحرية والعدالة إذا كثر نشاطهم في المحافظات والعشوئيات وهذا ما يسعون إليه. لذلك سيحتل حزب الإخوان المسلمين ما بين 20_40% من مقاعد مجلس الشعب، وأيضا نفس النسبة لبقية الأحزاب الليبرالية. أما عن الجماعات الإسلامية الأخري، فلن يزيد حصتهم عن 25% لقلة عددهم وفشلهم فى التفاهم. فالسلفيين 6 مليون، والصوفيين أيضا 6 مليون ومؤيدى حزب الوسط لا يقل عدد، ولكن لكل مجموعة إنقسامات ووجهات نظر مختلفة عن الإسلام تصل إلي تكفير الأخر، مما يضعف قوتهم أمام الشعب وخاصة الثوار. "التيار الإسلامي ربما يصل إلي 65 % كحد أقصي ولكني لا اتوقع فوزهم بأكثر من 50% . وهناك من يتحالف مع هذا التيار كالوفد، أما نحن فسنتنافس" قال الدكنور إيهاب الخراط.
وذكر الدكتور إيهاب الخراط الوضع الإقتصادي القادم قائلاً "إن مصر ستنتقل نقلة كبيرة جدا إذا لم يحكمها المتشددين، لأن هناك العديد من الشركات الأجنبية التي طالما سعت للإستثمار في مصر وقت مبارك ولكن الفساد والإتفقات الغير مشروعة أحبطت عزمها. ويجب أن يعم الإستقرار حتي تسود الطمئنينة لدي المستثمرين الأجانب."
وكشف الدكتور إيهاب الخراط عن إحتمالية تأجيل الإنتخابات إلي شهر نوفمبر أو ديسمبر حتي يتم إنضباط وإصلاح وزارة الداخلية وإختيار وزير غير فاسد كي يعمل علي إدارة شئون الأمن في مختلف المجالات ومكافحة الجرائم وأعمال البلطجة ومراقبة من يستعملون الدعاية الدينية. "و تلك العملية لن تُنجز قبل شهر سبتمبر علي الإطلاق. فالأوضاع غير مستقرة حتي الان وسمعت عن وجود لجان شعبية لحماية طلبة الثانوية العامة، فهل يمكن أن تتم إنتخابات مجلس الشعب بنفس الإسلوب!"
لماذا لم يحاكم الوزراء الفاسدين حتي الان ولماذا قال أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق أن النظام مازال يحكم؟ سأل أحد الحاضرين بإستعجاب. وتم الرد عليه بأن " هناك طرق وإستراجيات تطبق لتغيير نظام الوزارة وليست مهمة صعبة علي الإطلاق ولكن الحكومة الحالية تحسبها تسعون مرة وتحاول أن تسايس الشعب، مما يثير الثوار لإنهم لا يرون أي عقوبات للنظام السابق. وما لا يدركه الثوار هو أن الأدلة يتلاعب بها. مثل ال 32 قضية مسيحية التى وردت علي مدار 30 عاما ولم يحاكم أحد رغم إرتفاع عدد ضحاياها لعدم إثبات الأدلة. وشاهدت المستشار أشرف زهران منذ عدة أيام عندما قال علناً عن "وجود تلاعب في الأدلة مما لا يتيح مجال للمحاكمة العادلة. فالظباط هم من يقدمون الأوراق الخاطئة، ولا يمكن للقاضي أن يبحث عن الأدلة في الشارع. وحل المشكلة عند اصلاح وزارة الداخلية. "
وعن بعض تفاصيل الإنتخابات القادمة، هناك 41 مليون مصري لهم حق الإنتخاب. وهناك خمس أحزاب ستتنافس مع حزب الحرية والعدالة وسيتم التنسيق مع الهيئة المسئولة عن تنظيم الدوائر. ونسبة الأقباط في مصر تتراوح بين 10-15 % من الشعب، علما بأن الأغلبية قابلة للمشاركة في الإنتخابات لأن المسيحين نادرا ما يلدوا أكثر من طفلين. مما يعطي مجال للمنافسة إذا لم يحاربوا التعصب بالتعصب مثلما حدث وقت الإستفتاء. وربما يحدث إنشقاقات وإنقسمات بين الجماعات الإسلامية لإنهم ليسوا كتلة واحدة، مما قد يعطي فرصة للتيار الليبرالي أن يتغلب عليه.
وإنتهي اللقاء بالسؤال الأخير: بيان المجلس العسكري كان شديد اللهجة ولم يرض الثوار؟ فهل نتشائم أم نتفائل.
" هناك خلاف بين الثوار والمجلس العسكري. فالثورة توقف عجلة الإنتاج وفي نفس الوقت المجلس لا يأخذ مطالب الثوار بجدية. ولا نعرف ما يرتب له المجلس العسكري....ولكننا لا يجب أن نتشائم بل نتواصل ونحارب." فمثلما نجح الثوار في صناعة التاريخ وتغيير الوزراء الكثير من المرات ومحاكمة النظام الفاسد، علينا أن نبذل جهد كبير في الشهور القادمة كي نصل الي أكبر عدد من الناس من مختلف الطبقات ونحرر عقول الشعب لأن المصري لم يعد يشاهد بل يصنع.